
صادقت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية أمس خلال جلستها المنعقدة بقصر باردو على مقترح قانون مقدم من قبل كتلة ائتلاف الكرامة وهو يتعلق بتنقيح المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المؤرخ في 02 نوفمبر 2011، وشهدت الجلسة حضورا لافتا لنواب النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وذلك إلى جانب رؤساء كتلهم نور الدين البحيري وأسامة الخليفي وسيف الدين مخلوف. وصوت نواب الكتل الثلاثة لفائدة هذه المبادرة التي أثارت الكثير من الجدل واعتبرتها جمعيات المجتمع المدني محاولة لنسف صلاحيات «الهايكا»، في حين صوت نواب الكتلة الديمقراطية والحزب الدستوري الحر والوطنية ضد هذه المبادرة أما كتلة الإصلاح فقد احتفظت بصوتها.
ونص الفصل الأول منها على تعديل الفصل 7 وبموجبه تواصل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري الإشراف على تنظيم وتعديل الإعلام السمعي والبصري إلى حين تأسيس وانتخاب هيئة الاتصال السمعي والبصري المنصوص عليها بالفصل 127 من الدستور.
أما الفصل 2 فنص على إضافة الفصل 7 مكرر جديد وبموجبه تسير الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري هيئة جماعية تتكوّن من تسع شخصيات مستقلة مشهود لها بالخبرة والكفاءة والنزاهة في مجالات الإعلام والاتصال يقع انتخابهم من طرف مجلس نواب الشعب وبالأغلبية المُطلقة لأعضائه وفق الشروط التالية:
ثلاث أعضاء: قاض عدلي من الرتبة الثانية على الأقل ومستشار من القضاء الإداري ومحام مباشر من غير المتمرنين له أقدمية عشر سنوات ممارسة فعليّة على الأقل. ويتولى أحد هؤلاء الأعضاء مهام رئيس وآخر نائبا لرئيس الهيئة العليا المُستقلة للاتصال السمعي والبصري.
-عضوان تكون لأحدهما على الأقل خبرة في القطاع السمعي والبصري العمومي.
-عضوان من ستة مرشحين تقترحهم الهيئات المهنية الممثلة للصحفيين
-عضو من ثلاثة مرشحين تقترحهم الهيئات المهنية الممثلة للمهن السمعية البصرية غير الصحفية
ـ عضو من ثلاثة مرشحين تقترحهم الهيئات الممثلة لأصحاب المنشآت الإعلامية والاتصالية.
ولا يقبل ترشح أشخاص تحملوا مسؤوليات حكومية أو نيابية عمومية أو حزبية أو سياسية أو عملوا كأجراء لحزب سياسي خلال السنتين السابقتين لتعيينهم كما لا يقبل ترشيح من كانت لهم، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مساهمات أو مصالح مالية في منشآت إعلامية واتصالية إلا إذا تبيّن تخليهم عن تلك المصالح أو المساهمات. ويباشر أعضاء الهيئة مهامهم وجوبا كامل الوقت.
يتم انتخاب رئيس الهيئة ونائبه وأعضاؤها لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد. ويقع تجديد انتخاب ثلث أعضاء الهيئة كل سنتين بالتناوب. وفي حالة حدوث شُغور قبل أكثر من ستة أشهر من تاريخ انتهاء مدة العضوية. يقع سدّه خلال الثلاثة أشهر المُوالية لحدوثه. مع مراعاة أحكام الفقرة الأولى من هذا الفصل. ويتولى أعضاء الهيئة المنتخبون لسدّ الشُغور مهامهم للمدّة المُتبقية للأعضاء الذين عُيّنوا لتعويضهم. يمكن تجديد مدّة العضوية بالنسبة للأعضاء المُنتخبين لسدّ الشُغور في حالة توليهم لمهامهم لفترة لا تتجاوز سنتين. ويتم تجديد انتخاب الهيئة الحالية في ظرف ثلاثة أشهر من نشر هذا القانون بالرائد الرسمي.
أما الفصل الثالث فنص على إضافة الفصل 17 مكرر وجاء فيه أنه لا يخضع إحداث القنوات الإذاعية أو التلفزيونية الفضائية لأي ترخيص. لكن على كل من يُحدث قناة فضائية أن يقوم بإيداع تصريح بالوجود لدى كتابة الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري مُقابل وصل في ذلك. يتضمّن كل المعطيات المُتعلّقة باسم الشخص أو المؤسسة المالكة للقناة ومقرّها ورقم سجلّها التجاري ومُعرفها الجبائي وبقائمة في أسماء مؤسسيها ومُسيّريها.
فتح ملف «الهايكا» المسكوت عنه
رئيسة اللجنة النائبة سماح دمق أشارت في تصريح صحفي إلى أن اللجنة استكملت النظر في هذه المبادرة التشريعية وذلك بعد أن تم التصويت عليها بأغلبية الحاضرين وذكرت أنه سيتم تقديم تقرير لمكتب المجلس حتى يحيل المبادرة على جلسة عامة وقد تكون هناك جلسة توافقات لكن الجلسة العامة هي الفيصل. وبينت رئيسة اللجنة أن المبادرة تضمنت تعديلا سيشمل الهيئة الوقتية للاتصال السمعي البصري سواء على مستوى التركيبة أو كيفية الانتخاب أو إسناد الرخص للقنوات التلفزية، وأضافت أنه بصرف النظر على أن هذه المبادرة مرت أو لم تمر فإنها كانت فرصة لفتح ملف «الهايكا» المسكوت عنه رغم أن أعضاءها تجاوزوا المدة المسموح بها.
ونددت النائبة عن الكتلة الديمقراطية ليلى حداد بالمبادرة التشريعية بشدة ووصفتها بالخطيرة جدا لأنها تسمح بفتح المجال للفضائيات دون تراخيص وحذرت أنه بهذه الكيفية يمكن أن تتمركز قنوات إباحية او قنوات إرهابية وهذا يشكل خطرا على الأمن القومي وعلى تربية الناشئة وعلى سلامة الأسرة.. ولم تخف النائبة امتعاضها مما اعتبرته تعاملا غير محايد من قبل اللجنة مع هذه المبادرة التشريعية التي تخدم قلب تونس ورئيسها نبيل القروي صاحب قناة نسمة والنهضة في علاقتها بقناة الزيتونة وائتلاف الكرامة في رغبته في انتصاب قنوات ذات بعد متطرف.. وقالت النائبة إن الحكومة لديها مشروع قانون كامل يهم الاتصال السمعي البصري وينتظر أن تتم إحالته في وقت قريب مع طلب استعجال النظر فيه وبالتالي المعركة حول ملف الإعلام مازالت متواصلة.
وفي نفس السياق نبهت منظمة بوصلة في بلاغ لها إثر مصادقة اللجنة على المبادرة التشريعية إلى وجود شبهة تضارب مصالح لدى جهة المبادرة أي (كتلة ائتلاف الكرامة) وأعضاء مكتب لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية المتعهدة بالنظر فيها حيث أنه وفي نفس الوقت الذي تنتمي فيه رئيسية اللجنة إلى كتلة قلب تونس ونائب الرئيس ومقرر اللجنة إلى كتلة ائتلاف الكرامة، ينص مقترح القانون على حذف شرط الترخيص لإحداث القنوات الفضائية والإذاعية، وهو ما من شأنه أن يمكن بعض الأطراف المنتمية للكتل المذكورة وبعض الأطراف الموالية لها من تسوية وضعية قنواتها وإذاعاتها غير القانونية.
كما نبهت بوصلة إلى وجود خرق للنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب نظرا إلى أنه تم منع النائبة مريم اللغماني المنتمية للكتلة الوطنية من المشاركة في أعمال اللجنة ومن ممارستها لدورها التشريعي على اعتبار ضرورة تعويضها بنائبة عن كتلة قلب تونس إثر معاينة شغورات في اللجنة. في حين أن النائبة انضمت إلى لجنة الحقوق والحريات اثر تكوين الكتلة الوطنية ولم تكن تنتمي إلى اللجنة باسم كتلة قلب تونس، الأمر الذي من شأنه أن يعزز وجود شبهة تضارب المصالح وإرادة الكتل وتحديدا (ائتلاف الكرامة وقلب تونس) للسيطرة على الأغلبية داخل اللجنة لفائدة تمرير مقترح القانون بالقوّة. ولاحظت بوصلة أنه في نفس الوقت التي نادت فيه العديد من الأطراف التي تم الاستماع إليها صلب اللجنة و على رأسها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري بالتراجع على مقترح القانون نظرا لوجود شبهات تضارب المصالح الواضحة فيه، الى جانب دعوة ممثليها إلى فتح ملف الهيئة الدستورية – وليس «الهايكا» الحالية - بشكل أعمق وشامل، من خلال النظر في مشروع قانونها الذي صادق أمس المجلس الوزاري عليه إلا أن اللجنة سارعت في تخصيص اجتماعين على عجل للنظر في فصول مقترح القانون والتصويت عليه بـ 11 صوت مع ( النهضة، ائتلاف الكرامة وقلب تونس) 3 أصوات ضد (الكتلة الديمقراطية، كتلة الحزب الدستوري الحر) ومحتفظ وحيد (كتلة الإصلاح). وأشارت البوصلة في بلاغها إلى أنه لم يتم الإعلان مسبقا عن موعد اجتماع اللجنة المخصص للمصادقة على مقترح القانون على الموقع الرسمي لمجلس نواب الشعب، وهو ما يعد خرقا للنظام الداخلي وضربا لشفافية أعمال اللجنة رغم أهمية الموضوع وحساسيته.
◗ سعيدة بوهلال