نشر على الصباح | Assabah (http://www.assabah.com.tn)

الرئيسية > رحمة وسرور.. من قضية هزت الرأي العام إلى التجاهل والنسيان!

الأولى ماتت اختناقا والثانية احتراقا في مبيت إعدادية تالة منذ سنتين
السبت 27 جوان 2020

منذ‭ ‬تاريخ‭ ‬فيفري‭ ‬2018‭ ‬إلى‭ ‬تاريخ‭ ‬جوان‭ ‬2020،‭ ‬تغيرّت‭ ‬حياة‭ ‬ملايين‭ ‬البشر‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬إلا‭ ‬حياة‭ ‬عائلتي‭ ‬الهيشري‭ ‬والسعيدي،‭ ‬حيث‭ ‬توقّف‭ ‬الزمن‭ ‬كليا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬الكئيبة‭ ‬من‭ ‬ليالي‭ ‬أوّل‭ ‬شهر‭ ‬فيفري‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سنتين‭ ‬بسبب‭ ‬الحريق‭ ‬الذي‭ ‬اندلع‭ ‬في‭ ‬مبيت‭ ‬المدرسة‭ ‬الإعدادية‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬1957‭ ‬بتالة‭.. ‬ففي‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬فقدت‭ ‬كلا‭ ‬العائلتين،‭ ‬ابنتيهما‭ ‬رحمة‭ ‬وسرور‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬مأساوية،‭ ‬لتقضي‭ ‬الأولى‭ ‬نحبها‭ ‬مختنقة‭ ‬والثانية‭ ‬محترقة‭ ‬وتحترق‭ ‬بتلك‭ ‬النهاية‭ ‬الشنيعة‭ ‬أفئدة‭ ‬وقلوب‭ ‬وتتشتت‭ ‬أسر‭.. ‬وبعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سنتين‭ ‬ترفض‭ ‬قضية‭ ‬الموت‭ ‬المستراب‭ ‬للتلميذة‭ ‬رحمة‭ ‬السعيدي‭ ‬شكلا‭! ‬وتقرّر‭ ‬المحكمة‭ ‬الابتدائية‭ ‬بالقصرين‭ ‬أمس‭ ‬تأجيل‭ ‬البت‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬سرور‭ ‬الهيشري‭ ‬إلى‭ ‬تاريخ‭ ‬2‭ ‬جويلية‭ ‬القادم‭ .. ‬‮«‬الصباح‮»‬‭ ‬التقت‭ ‬عائلتي‭ ‬رحمة‭ ‬وسرور،‭ ‬وكان‭ ‬لقاء‭ ‬مشحونا‭ ‬بالذكريات‭ ‬الأليمة‭ ‬وبتفاصيل‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬الحزين‭ ‬وبآلام‭ ‬الفقد‭ ‬ووجع‭ ‬عدم‭ ‬النسيان‭ ‬او‭ ‬تجاوز‭ ‬المأساة‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬جاثمة‭ ‬على‭ ‬صدر‭ ‬أبوين‭ ‬ملتاعين‭ ‬وأم‭ ‬يكاد‭ ‬يفقدها‭ ‬فقدان‭ ‬ابنتها‭ ‬صوابها‭..‬

رحلة‭ ‬تحصيل‭ ‬العلم‭ ‬تنتهي‭ ‬بموت‭ ‬شنيع‭..‬

رحمة‭ ‬وسرور‭ ‬اللتان‭ ‬ذهبتا‭ ‬ضحية‭ ‬سبب‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬مجهولا‭ ‬في‭ ‬ذهن‭ ‬عائلتيهما،‭ ‬فالحريق‭ ‬التهم‭ ‬المرقد‭ ‬بمبيت‭ ‬إعدادية‭ ‬تالة‭ ‬والتهم‭ ‬جسدي‭ ‬الفتاتين،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬ملابساته‭ ‬وحيثياته‭ ‬يكتنفها‭ ‬الغموض‭ ‬رغم‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬التماس‭ ‬الكهربائي‮»‬‭.. ‬وهي‭ ‬الرواية‭ ‬التي‭ ‬يفنّدها‭ ‬ويشكك‭ ‬فيها‭ ‬والد‭ ‬الطفلة‭ ‬رحمة‭ ‬شوقي‭ ‬السعيدي‭ ‬الذي‭ ‬خنقته‭ ‬العبرات‭ ‬وهو‭ ‬يسترجع‭ ‬ذكرى‭ ‬ليلة‭ ‬الفاجعة،‭ ‬متحدّثا‭ ‬عن‭ ‬القيمة‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬مرقد‭ ‬الفتيات‭ ‬التي‭ ‬غادرت‭ ‬مقرّ‭ ‬عملها‭ ‬وعادت‭ ‬الى‭ ‬منزلها‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬أغلقت‭ ‬باب‭ ‬المرقد‭ ‬بقفل‭ ‬حديدي‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬وعن‭ ‬الدخان‭ ‬الذي‭ ‬تصاعد‭ ‬من‭ ‬المرقد‭ ‬وصراخ‭ ‬الفتيات‭ ‬اللاتي‭ ‬تجاوز‭ ‬عددهن‭ ‬112‭ ‬طفلة‭ ‬رغم‭ ‬انه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬ألا‭ ‬يتجاوز‭ ‬عددهن‭ ‬50‭ ‬تلميذة‭..‬،‭ ‬‮«‬كنّ‭ ‬يصرخن‭ ‬بقوة‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬احد‭ ‬انتبه‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الى‭ ‬المأساة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬بصدد‭ ‬الوقوع،‭ ‬كانت‭ ‬صرخات‭ ‬يائسة‭ ‬لم‭ ‬يستجب‭ ‬لها‭ ‬الا‭ ‬بعض‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬على‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬الجدار‭ ‬الخارجي‭ ‬للمبيت‭ ‬والذين‭ ‬عمدوا‭ ‬إلى‭ ‬إبلاغ‭ ‬السلطات‭ ‬ومحاولة‭ ‬كسر‭ ‬النوافذ‭ ‬حتى‭ ‬تنجو‭ ‬تلميذات‭ ‬المرقد‭ ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬مجهوداتهم‭ ‬لم‭ ‬تنقذ‭ ‬رحمة‭ ‬وسرور،‭ ‬حيث‭ ‬عجزت‭ ‬حتى‭ ‬سيارة‭ ‬الحماية‭ ‬المدنية‭ ‬عن‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬الحريق‭ ‬لضيق‭ ‬مدخل‭ ‬الباب‭ ‬الرئيسي‭ ‬والذي‭ ‬لم‭ ‬يتسع‭ ‬لدخولها‭!‬‮»‬،‭ ‬هذه‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬تفاصيل‭ ‬الواقعة‭ ‬وفق‭ ‬رواية‭ ‬شوقي‭ ‬السعيدي‭ ‬والد‭ ‬التلميذة‭ ‬رحمة‭..‬

رحمة‭ ‬التي‭ ‬أثبت‭ ‬تقرير‭ ‬الطب‭ ‬الشرعي‭ ‬أنها‭ ‬ماتت‭ ‬مختنقة‭ ‬بدخان‭ ‬ألسنة‭ ‬اللهب‭ ‬المتصاعد‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وهي‭ ‬تحاول‭ ‬انقاذ‭ ‬صديقتها‭ ‬سرور‭ ‬وتوأم‭ ‬روحها‭ ‬التي‭ ‬أكّد‭ ‬أيضا‭ ‬تقرير‭ ‬الطب‭ ‬الشرعي‭ ‬أنها‭ ‬ماتت‭ ‬محترقة،‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬عينة‭ ‬لمعاناة‭ ‬آلاف‭ ‬التلاميذ‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية‭ ‬الفقيرة‭ ‬والمهمشة‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬ظروفا‭ ‬قاسية‭ ‬في‭ ‬مبيتات‭ ‬تفقد‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬الضروريات‭ ‬والمرافق‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬رحلتهم‭ ‬المرهقة‭ ‬لتحصيل‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬وتحسين‭ ‬وضعيتهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬قد‭ ‬تنتهي‭ ‬حياتهم‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬بفاجعة‭ ‬كتلك‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬بها‭ ‬حياة‭ ‬رحمة‭ ‬وسرور‭..‬

 

الجميع‭ ‬تخلى‭ ‬عنّا‭..‬

لم‭ ‬يخف‭ ‬ثابت‭ ‬الهيشري‭ ‬والد‭ ‬الضحية‭ ‬سرور‭ ‬الهيشري،‭ ‬تأثره‭ ‬البالغ‭ ‬وهو‭ ‬يروي‭ ‬المأساة‭ ‬التي‭ ‬حلّت‭ ‬بابنته‭ ‬وبكل‭ ‬عائلته،‭ ‬قائلا‭:‬‮»‬‭ ‬سرور‭ ‬كانت‭ ‬تلميذة‭ ‬مجتهدة‭ ‬ومحبة‭ ‬للعلم‭ ‬والدراسة‭ ‬كانت‭ ‬تحلم‭ ‬بأشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬ورغم‭ ‬انها‭ ‬فقدت‭ ‬والدتها‭ ‬قبل‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬الفاجعة‭ ‬الاّ‭ ‬أنها‭ ‬تجاوزت‭ ‬آلامها‭ ‬بعزيمة‭ ‬كبيرة‭ ‬ووجدت‭ ‬السلوى‭ ‬والطمأنينة‭ ‬مع‭ ‬صديقتها‭ ‬رحمة،‭ ‬فلم‭ ‬يكونا‭ ‬مجرّد‭ ‬صديقتين‭ ‬عاديتين،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬بينهما‭ ‬رابط‭ ‬عاطفي‭ ‬قوّي،‭ ‬عوّضتها‭ ‬رحمة‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬ما‭ ‬عن‭ ‬الفراغ‭ ‬العاطفي‭ ‬الذي‭ ‬تركته‭ ‬والدتها‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬اشتكى‭ ‬ثابت‭ ‬الهيشري‭ ‬من‭ ‬ظروفه‭ ‬العائلية‭ ‬الصعبة‭ ‬ومن‭ ‬نفسية‭ ‬العائلة‭ ‬التي‭ ‬تأزّمت‭ ‬بعد‭ ‬فقدانه‭ ‬لابنته،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭:‬‮»‬‭ ‬عندما‭ ‬احترق‭ ‬مرقد‭ ‬الفتيات‭ ‬لم‭ ‬يعلمني‭ ‬أحد‭ ‬بالأمر،‭ ‬فقد‭ ‬اتصل‭ ‬بي‭ ‬شقيق‭ ‬سرور‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المبيت،‭ ‬كان‭ ‬منهارا‭ ‬وهو‭ ‬يخبرني‭ ‬أن‭ ‬أخته،‭ ‬في‭ ‬المرقد‭ ‬الذي‭ ‬التهمته‭ ‬النيران‭ ‬وانه‭ ‬وقع‭ ‬نقلها‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى،‭ ‬وعندما‭ ‬أدركت‭ ‬ابنتي‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬الجهوي‭ ‬بالقصرين،‭ ‬أعلموني‭ ‬بوفاتها‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬متوفية‭ ‬منذ‭ ‬لحظة‭ ‬نقلها‭ ‬ولكنهم‭ ‬أرادوا‭ ‬التفصّي‭ ‬من‭ ‬المسؤولية،‭ ‬اليوم‭ ‬أنا‭ ‬فقدت‭ ‬قرّة‭ ‬عيني‭ ‬وابني‭ ‬ضاع‭ ‬مستقبله‭ ‬الدراسي‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬مواصلة‭ ‬دراسته‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬رحيل‭ ‬أخته‭.. ‬انهرنا‭ ‬كعائلة‭ ‬بعد‭ ‬وفاتها‭ ‬ولم‭ ‬يهتم‭ ‬احد‭ ‬لأمرنا‭ ‬ورغم‭ ‬ان‭ ‬السلطات‭ ‬الجهوية‭ ‬صرّحت‭ ‬بأننا‭ ‬نتلقى‭ ‬رعاية‭ ‬نفسية‭ ‬فاني‭ ‬أؤكد‭ ‬لك‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬ابدا‭ ‬وان‭ ‬ابني‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬شاهد‭ ‬عيان‭ ‬على‭ ‬الحادث‭ ‬الفظيع‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬شقيقته‭ ‬لم‭ ‬يتلق‭ ‬أي‭ ‬متابعة‭ ‬او‭ ‬عناية‭ ‬نفسية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تدهور‭ ‬نفسيته‭ ‬ومستواه‭ ‬الدراسي‭ ‬كذلك‭ ‬ودخوله‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ضياع‭ ‬واكتئاب‭ ‬منذ‭ ‬وفاة‭ ‬شقيقته‭ ‬رغم‭ ‬صغر‭ ‬سنّه‭.. ‬لأنه‭ ‬وعكس‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يتصوّر‭ ‬البعض‭ ‬الجميع‭ ‬تخلّى‭ ‬عنا‭ ‬بعد‭ ‬الواقعة‭ ‬وبعد‭ ‬ان‭ ‬تجاوز‭ ‬الاعلام‭ ‬خبر‭ ‬الوفاة‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يتداوله‮»‬‭.‬

وضعية‭ ‬اجتماعية‭ ‬سيئة‭..‬

بعد‭ ‬مضي‭ ‬سنتين‭ ‬على‭ ‬رحيل‭ ‬التلميذة‭ ‬رحمة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحادث‭ ‬المأساوي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬والدتها‭ ‬ليلى‭ ‬لم‭ ‬تصدّق‭ ‬الى‭ ‬اليوم‭ ‬رحيل‭ ‬ابنتها،‭ ‬وتحدثت‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الصباح‮»‬‭ ‬بصوت‭ ‬مختنق‭ ‬بالبكاء‭ ‬وبملامح‭ ‬أهلكها‭ ‬الحزن‭ ‬قائلة‭ :‬‮»‬كيف‭ ‬اصدّق‭ ‬أن‭ ‬الرحمة‭ ‬التي‭ ‬منحني‭ ‬إياها‭ ‬الله،‭ ‬غادرت‭ ‬الحياة‭ ‬بتلك‭ ‬الطريقة‭ ‬الشنيعة،‭ ‬لما‭ ‬غادرت‭ ‬رحمة‭ ‬حملت‭ ‬معها‭ ‬الاطمئنان‭ ‬والراحة‭ ‬والسعادة‭ ‬والاستقرار‭ ‬العائلي‭..‬‮»‬‭.‬

أمّا‭ ‬والد‭ ‬رحمة،‭ ‬شوقي‭ ‬السعيدي،‭ ‬فيقول‭:‬‮»‬لقد‭ ‬خسرت‭ ‬ابنتي‭ ‬وتخلّى‭ ‬عني‭ ‬الجميع،‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬أسندنا‭ ‬نفسيا‭ ‬هو‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬السابق،‭ ‬حاتم‭ ‬بن‭ ‬سالم،‭ ‬الذي‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤوليته‭ ‬وقد‭ ‬زارنا‭ ‬في‭ ‬تالة‭ ‬وقدّم‭ ‬لنا،‭ ‬نحن‭ ‬وعائلة‭ ‬سرور،مبلغا‭ ‬ماليا‭ ‬بقيمة‭ ‬خمسة‭ ‬آلاف‭ ‬دينار‭ ‬لكل‭ ‬عائلة‭ ‬كتعويض‭ ‬لنا‭ ‬عن‭ ‬مصابنا‭ ‬الجلل‭ ‬ولكن‭ ‬بعده‭ ‬لم‭ ‬يهتم‭ ‬بنا‭ ‬أحد‭.. ‬وحتى‭ ‬أكون‭ ‬صادقا‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬الحقيقة‭ ‬فقد‭ ‬اتصلت‭ ‬بنا‭ ‬مستشارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬الباجي‭ ‬قايد‭ ‬السبسي،‭ ‬سعيدة‭ ‬قراش،‭ ‬واستقبلتنا‭ ‬في‭ ‬القصر‭ ‬وقدمت‭ ‬لنا‭ ‬باسم‭ ‬الرئاسة‭ ‬مساعدة‭ ‬مالية‭ ‬ولكن‭ ‬السلطات‭ ‬الجهوية‭ ‬والمحلية‭ ‬تجاهلتنا‭.. ‬حتى‭ ‬جمعية‭ ‬قطر‭ ‬الخيرية‭ ‬عندما‭ ‬عرضت‭ ‬التكفّل‭ ‬بأحد‭ ‬ابنائي‭ ‬الى‭ ‬حين‭ ‬بلوغه‭ ‬سنّ‭ ‬الرشد‭ ‬وذلك‭ ‬بالاتفاق‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬حاتم‭ ‬بن‭ ‬سالم،‭ ‬قام‭ ‬والي‭ ‬القصرين‭ ‬بكل‭ ‬جهده‭ ‬لتعطيل‭ ‬الملف‭ ‬واليوم‭ ‬هناك‭ ‬عائلات‭ ‬مشرّدة‭ ‬وتعيش‭ ‬على‭ ‬الكفاف‭ ‬ولا‭ ‬احد‭ ‬يكترث‭.. ‬وضاع‭ ‬حق‭ ‬الضحيتين‭ ‬دون‭ ‬تحميل‭ ‬للمسؤوليات‭ ‬ودون‭ ‬معاقبة‭ ‬الجناة‮»‬‭!‬

من‭ ‬قضية‭ ‬رأي‭ ‬عام‭ ‬الى‭ ‬النسيان‭ ‬والتجاهل‭ ‬

 

رغم‭ ‬الضجة‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬أثارتها‭ ‬مأساة‭ ‬نهاية‭ ‬رحمة‭ ‬وسرور‭ ‬وتحولها‭ ‬الى‭ ‬قضية‭ ‬رأي‭ ‬عام‭ ‬لعدة‭ ‬أيام‭.. ‬الا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬وكغيرها‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬لفها‭ ‬النسيان‭ ‬والتجاهل‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬يتذكر‭ ‬التلميذتين،‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬القضاء‭ ‬لم‭ ‬يفصل‭ ‬في‭ ‬القضية،‭ ‬رغم‭ ‬فضيحة‭ ‬رفض‭ ‬قضية‭ ‬رحمة‭ ‬شكلا‭ ‬وهو‭ ‬الخطأ‭ ‬الغريب‭ ‬الذي‭ ‬أضاع‭ ‬حق‭ ‬الطفلة‭ ‬رحمة‭ ‬وجعل‭ ‬عائلتها‭  ‬تصاب‭ ‬بالاكتئاب‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثّر‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬اسرتها‭..‬

كما‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬واكتفت‭ ‬بنعي‭ ‬التلميذتين‭ ‬وبالمساعدة‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬قدّمها‭ ‬الوزير‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬ميزانية‭ ‬الوزارة،‭ ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬تسع‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬المرأة‭ ‬ومع‭ ‬مندوب‭ ‬حماية‭ ‬الطفولة‭ ‬لتوفير‭ ‬رعاية‭ ‬تربوية‭ ‬ومتابعة‭ ‬نفسية‭ ‬لأشقاء‭ ‬رحمة‭ ‬وسرور‭ ‬لتجاوز‭ ‬المحنة‭ ‬وحالة‭ ‬الضياع‭ ‬والاكتئاب‭ ‬التي‭ ‬أصبحوا‭ ‬عليها‭ ‬بعد‭ ‬تلك‭ ‬الفاجعة‭ ‬المأساوية‭ ‬والنتيجة‭ ‬أن‭ ‬شقيق‭ ‬سرور‭ ‬يكاد‭ ‬يفقد‭ ‬مستقبله‭ ‬نتيجة‭ ‬الصدمة‭ ‬التي‭ ‬تلقاها‭ ‬وهو‭ ‬يستمع‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المبيت‭ ‬إلى‭ ‬استغاثة‭ ‬شقيقته‭ ‬وصرخاتها‭ ‬وهي‭ ‬تحترق‭.. ‬وهذا‭ ‬الملف‭ ‬يطرح‭ ‬إشكالا‭ ‬أعمق‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بقضايا‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬التي‭ ‬تهز‭ ‬المجتمع‭ ‬لفترة‭ ‬ثم‭ ‬تنحسر‭ ‬عنها‭ ‬الأضواء‭ ‬وتفقد‭ ‬اهتمام‭ ‬المسؤولين،‭ ‬وتضيع‭ ‬حقوق‭ ‬الضحايا‭ ‬الذين‭ ‬ينتظرون‭ ‬إنصافا‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬ينصفهم‭.‬

 

◗‭ ‬منية‭ ‬العرفاوي

رحمة وسرور.. من قضية هزت الرأي العام إلى التجاهل والنسيان!

0

Source URL: http://www.assabah.com.tn/article/167814/%D8%B1%D8%AD%D9%85%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D8%B1%D9%88%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D9%87%D8%B2%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D9%87%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D9%86