قابس «ضحية» في نظر قانون العدالة الانتقالية


رغم بلوغ اعتصام «الصمود2» يومه الرابع عشر بمدينة قابس، فلا أحد هنا في مدينة الحنّاء يعلم ماذا يُخطّط في أروقة السلطة من سعي لإيجاد الحلول لشباب طالت بطالتهم من جهة ولأزمة باتت تلقي بظلالها على الجميع بحكم نقص التزوّد الطاقي من قوارير الغاز المنزلي الذي بات يشهد توسّعا في حالات الاحتكار والترفيع المشط في أسعار هذه المادة، ما جعل المصالح الجهوية للتجارة بقابس اعتماد أقصى العقوبات بما فيها الحرمان من التزويد والعقوبات الإدارية بالإضافة إلى العمل على تزويد الجهة بهذه المادة من خلال منصّات وطنية من خارج الولاية لكلّ المعتمديات.
في غياب التجاوب الرسمي.. المنظّمات تصدر بيانات
أمضت المنظّمة الشغيلة ممثّلة في الإتحاد الجهوي للشغل بقابس إلى جانب كل من الفرعين الجهويّين للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وكل من الإتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والإتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري، بيانا بتاريخ 22 نوفمبر الجاري ضمّنوه مساندتهم التامة لمطالب الاعتصام و»رفضهم المعالجة الأمنية لما قد يؤدّي إلى تأجيج الاحتقان وزعزعة الاستقرار بالجهة».
البيان الصادر والذي تضمّن إمضاء النائب عن حركة الشعب كمال الحبيب فراج ممثّلا عن نواب الجهة بمجلس نواب الشعب، عبّرت من خلاله جميع المكّونات الممضية عن «استغرابهم من صمت الحكومة إزاء الاعتصام ومطالبه»، داعين الحكومة «إلى التعجيل بفتح حوار جدّي حول استحقاقات الجهة تجنّبا لمزيد الاحتقان» محمّلينها «مسؤولية كلّ ما يمكن أن يحدث بسبب التأخير في الإعلان عن افتتاح الحوار».
«إمّا تشكيل وفد وزاري..
وإمّا التصعيد»
بدورها فإنّ تنسيقية الاعتصام أصدرت بيانا ثانيا أول أمس توجّهت من خلاله إلى جميع من في ولاية قابس وبقية الولايات التي وصفها بيانهم بـ«المتضرّرة» من حراكهم السلمي إلى «التفهّم» وان يكون لومهم وغضبهم موجّه للحكومة لا للشباب المعتصم ودعوهم إلى دعم قضيّتهم. كما طالب المعتصمون رئاسة الحكومة «الإسراع في تشكيل وفد وزاري صاحب قرار ليحلّ بالجهة»، حتى لا يلتجئوا إلى التصعيد، ويأتي ذلك على خلفية ما اعتبرته التنسيقية عدم تجاوب الحكومة مع الشباب المعتصم وتجاهل مطالبهم المشروعة كما حمّل المعتصمون الطرف الحكومي المسؤولية الكاملة في تواصل غلق جميع الشركات المنتصبة بما فيها معامل الغاز.
قابس لم تنصفها العدالة الانتقالية
شمل تعريف «الضحيّة» طبقا للقانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 مؤرخ في 24 ديسمبر 2013 والمتعلّق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها في بابه الرابع المتعلّق بـ»جبر الضرر ورد الاعتبار» في فصله العاشر «كل منطقة تعرضت للتهميش أو الإقصاء الممنهج».
ومن هذا المنطلق فإنّ الدولة ووفقا لالتزاماتها تجاه ولاية قابس وعلى غرار بقية الجهات التي ينطبق عليها هذا التعريف، مطالبة بجبر ضرر الجهة التي همّشتها الوعود وأنهكها التلوّث البيئي وغابت عنها التنمية الحقيقية التي من شأنها أن تُنتِج منوالا قادرا على استيعاب بطالة الشباب وتشغيلهم صلب المنشآت الصناعية أو إيجاد مناخ ملائم للاستثمار ودفع المبادرة الخاصة لمن لهم خبرة وكفاءة مهنية من خرّيجي مراكز التكوين والتشغيل.
الحكومة ليست مطالبة بما لا تحتمل، ولكنها مطالبة بالمضي نحو تطبيق ما ورد في هذا القانون في الباب الخامس منه والمتعلّق بـ»إصلاح المؤسسات» وتحديدا في الفصل 14 الذي يعني بإصلاح المؤسسات «تفكيك منظومة الفساد والقمع والاستبداد ومعالجتها بشكل يضمن عدم تكرار الانتهاكات واحترام حقوق الإنسان وإرساء دولة القانون .ويقتضي إصلاح المؤسسات خاصة مراجعة التشريعات وغربلة مؤسسات الدولة ومرافقها ممن ثبتت مسؤوليته في الفساد والانتهاكات وتحديث مناهجها وإعادة هيكلتها وتأهيل أعوانها وذلك طبقا لأحكام الفصل 43 من هذا القانون».
بمعنى أنّ شباب جهة قابس في حاجة إلى أن يتلمّس رؤية ووضوحا على مبدإ المعاملة بالمثل في الجانب المتعلّق بالإعلان عن المناظرات التي يقودها ا الفساد منذ عقود وكثر عنها الحديث من باب المحاباة ما أقصى عديد الشباب من الالتحاق بعدد من المؤسسات الصناعية المنتصبة. هذا بالإضافة إلى أحقية الأهالي في مرافق صحية ترتقي والواقع الأليم الذي يعيشه المواطن بجميع معتمديات قابس خاصة الملف الحارق بغياب مرفق عمومي بالجهة يعنى بتوزيع الأدوية الخصوصية التي يتكبّد أصحابها مشقّة التنقّل إلى الولايات المجاورة دوريا لجلبها في ظل أسطول نقل متهرئ ومضطرب المواعيد والحكومة مدعوة لمعالجة هذا الملف بشكل عاجل. قابس في حاجة إلى مراجعة جذرية على جميع المستويات دون استثناء إذا ما رغبت الحكومة الحالية في إيجاد معادلة «المصالحة» نحو الأفضل.
◗ صابر عمري
إضافة تعليق جديد