توقف النشاط.. أزمة مالية خانقة.. وتأخر برنامج الهيكلة


التأم خلال الاسبوع الماضي لقاء دام لساعات وتمحور حول الشركة الوطنية لعجين الحلفاء وجمع بين وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم سلوى الصغير وحضره ممثلين عن الاتحاد العام التونسي للشغل وتحديداممثلين عن جامعة النفط والمواد الكيميائية وأيضا ممثلين عن الإتحاد الجهوي للشغل بالقصرين وممثلين عن المؤسسة وذلك لإيجاد الحلول الكفيلة لإخراج الشركة من الازمة التي تعيش على وقعها المؤسسة التي يطلق عليها اسم «السيليلوز».
وتعيش القصرين اليوم على صفيح ساخن فمع قرب الاحتفال بذكرى الثورة حيث تعالت الاصوات الداعية للخروج للمطالبة بالتنمية والمطالبة خاصة بإنقاذ الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق المتنفس الوحيد لا لولاية القصرين بحسب بل ولكل منطقة الوسط الغربي.
أزمة القطب الصناعي الوحيد في الوسط الغربي
ولئن تمت المطالبة منذ سنوات بإنقاذ القطب الصناعي والتنموي الوحيد بالجهة عبر تفعيل الدراسة الإستراتيجية لإعادة هيكلة المصنع والنهوض به في ظل الصعوبات المالية التي يمر بها فإن عملية الإنقاذ مازالت حبرا على ورق رغم الإعلان عن الانطلاق في إعدادها منذ سنوات.
ويمثل مصنع الحلفاء بالقصرين اكبر قطب صناعي بكامل منطقة الوسط الغربي وهو ينتصب منذ حوالي64 سنة إذ أحدث منذ سنة1956 على مساحة تتجاوز35 هكتارا وسط مدينة القصرين على شارعها الرئيسي في منطقة استراتيجية هامة هذا الى جانب المساحة الهامة التي تحتلها محطة معالجة مياهه الملوثة التابعة له والمقابلة للمؤسسة والتي توقفت عن العمل منذ حوالي30 سنة واصبحت مهملة تماما وجانب منها تحول الى مصب للفضلات.
الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق هي منشأة عمومية تنتج عدة أنواع من الورق توجه للسوق الوطنية والدولية، وتعتبر الشركة أهم قطب صناعي في الوسط الغربي ، حيث تشغل أكثر من 800 بين كوادر وعمال بصفة مباشرة في ما يصل عدد مواطن الشغل الغير مباشرة حوالي 6000 في كل من ولايات القصرين وقفصة وسيدي بوزيد والقيروان يقومون بجمع الحلفاء وبيعها للمصنع الذي يعد المشغل الاكبر في المنطقة، هذا المصنع الذي بات متآكلا ولا يتماشى ومتطلبات المرحلة وتطور تقنيات العمل المعتمدة في العالم.
مشاكل عميقة
وانطلقت مشاكل الشركة الوطنية لعجين الحفاء قبل الثورة وتعمقت بعدها لا سيما بسبب الانتدابات العشوائية التي تم القيام بها والتي أثقلت كاهلها ، هذا وتعاني المؤسسة من مشاكل مالية عميقة تضاعفت مع أزمة كوفيد-19 إذ ومع توقف الشركة عن العمل تأخر صرف أجور العمال دون نسيان عدم الايفاء بتعهداتها تجاه المزودين.واصبحت المؤسسة في السنوات الاخيرة تواجه صعوبات كبيرة تهددها بالإفلاس مما أدى إلى تعالي الكثير من الاصوات من اجل بيعها للخواص.
وفي هذا الصدد أكد كاتب عام جامعة النفط والمواد الكيميائية محمد البرني خميلة لـ»الصباح الاسبوعي» أن المؤسسة تمر بصعوبات مالية ، كما أن جزء من المؤسسة متوقف عن النشاط بسبب تآكل المعدات وعدم القدرة على مواصلة الإنتاج ، وبين ان الأزمة المالية تسببت في صعوبات تتعلق بعدم القدرة على خلاص أجور العمال التي لا تتم إلا بتدخل الدولة كذلك الشأن بالنسبة لخلاص المزودين الذين يعانوا بدورهم من عدم صرف المصنع لمستحقاتهم وهو ما دفع الحكومة للتدخل وتوفير السيولة المالية اللازمة لذلك.
واعتبر أن وضع الشركة حرج ويتطلب تدخلاعاجلا من قبل السلطات خاصة وأنها تعتبر أكبر مشغل ليس لأهالي القصرين بل وأيضا لكل متساكني الوسط الغربي وهو ما يتطلب هيكلة جديدة وعاجلة.
ملامح الهيكلة الجديدة
وبالتنسيق مع الوكالة العقارية الصناعية تم تخصيص مساحة قدرها 35 هكتارا بالمنطقة الصناعية 2 بالقصرين الموجودة مباشرة تحت السفح الشمالي الشرقي لجبل الشعانبي بطريق تالة لنقل المصنع اليها والشروع في تهيئتها بالشبكات المطلوبة من طرقات وماء وكهرباء وغاز وهاتف وانترنات كما تم الانطلاق في ومن ثمة إحداث مصنع جديد عليها يتكون من ثلاث وحدات صناعية وهي وحدة صنع عجين الحلفاء وأخرى لإنتاج الكراس المدرسي وأوراق الطباعة وثالثة للمنتوجات الكيميائية التي يحتاجها المصنع كالصودا والكلور والحامض الكلوريدريكي.
وبين كاتب عام جامعة النفط أن العديد من الأصوات تعالت للتفريط في المؤسسة لكن الاتحاد العام التونسي للشغل وتحسبا من ردود فعل غير محسوبة لأهالي الجهة تمسك وعدم التفريط فيها لأي ظرف كان، وابرز أنه تم أعداد برنامجا لدعم وتطوير الشركة من اهم مكوناته اعادة هيكلتها وتطهير ديونها ونقلها خارج المدينة بوحدات صناعية جديدة وبتكنولوجيا حديثة ، وأبرز أن عملية تهيئة المصنع الجديد انطلقت.
وقد تم رصد اعتمادات قدرها 60 مليارا بتمويل من البنك الاسلامي للتنمية لعملية انشاء المصنع الجديد هذا وسيمكن نقل المؤسسة من توفير رصيد عقاري هام وسط المدينة وانقاذ المتساكنين من التلوث الذي تسبب لهم في أمراض مزمنة إذ كان نقل المصنع إلى جارج المدينة من المطالب الأساسية لأهالي الجهة بعد الثورة كونه سيريح الاف المتساكنين في الاحياء المحيطة به من الملوثات الغازية والسائلة التي يفرزها والتي تسببت للكثيرين منهم في امراض ، فضلا عن ايقاف تلويث المائدة المائية والاراضي الواقعة شمال المدينة اين تنتهي مياهه الملوثة عبر مجرى وادي»اندلو»، كما ان نقلته من موقعه الحالي سيتيح توفير رصيد عقاري تبلغ مساحته عشرات الهكتارات بوسط المدينة يمكن استغلالها في اقامة مركبات ادارية وسكنية وفضاءات ترفيهية ومساحات خضراء ، ويتم اليوم القيام بدراسة شاملة لكيفية استثمار هذا الرصيد العقاري الهام بالتنسيق مع مختلف السلط المعنية وفي مقدمتها البلدية ومكونات المجتمع المدني لان مكان المصنع سيغير كليا المشهد العمراني. لتطوير منتوجات جديدة خاصة في ظل خطة استثمارية واعدة تعمل الشركة على تنفيذها. واكد محمد البرني خميلة أن الطلب العاجل اليوم هو توفير الدولة للسيولة اللازمة لحلحلة الأزمة المالية للمؤسسة وخلاص المزوين، مبينا أن وزيرة الصناعة أكدت على حرصها توفير تمويلات لازمة من ميزانية 2021 للقيام بعملية التطهير والهيكلة والتجديد عبر تنفيذ استثمارات واعدة ومجددة على مستوى المعدات لإنعاش المؤسسة والقيام بمشاريع في مجال الورق والمواد الكيمائية وعجين الحلفاء حيثتعهدتسلطة الاشراف، كذلك، بتطبيق برنامج التأهيل الصناعي لضمان استمرارية المؤسسة وتحسين مردوديتها وخلق مواطن شغل جديدة خصوصا من ولايات القصرين وسيدي بوزيد والقيروان وقفصة، هذا مع العمل على استخراج منتجات جديدة لصناعة الحلفاء والورق وورق التعليب من خلال تثمين مادة الحلفاء لخلق القيمة المضافة العالية وكسب أسواق جديدة.
هذا وتمتد مساحات منابت الحلفاء على مناطق شاسعة تغطي مساحة تقدر بــ 743.000 هك منتشرة طبيعيا بالمناطق الجبلية والسهول بالوسط والجنوب التونسي، وتتميز هذه المناطق بمناخ جاف وشبه جاف، هذا وتغطي المساحة التي تمت تهيئتها، حـوالي 452.625 هك وهي تنشط في صناعة الورق المعد للكتابة والطباعة 25 ألف طن سنويا وصناعة عجين الحلفاء وتصديره إلى الأسواق الخارجية الصين، اليابان، أندونيسيا وأوروبا حيث يحتل عجين الحلفاء موقعه في السوق بفضل تركيبته التي تمنحه خصائص مميّزة مقارنة بالألياف القصيرة وطاقة إنتاجية بـ 8 آلاف طن سنويا بالإضافة إلى إنتاج المواد الكيميائية صودا، كلور وحامض كلوريدريكي حيث تم إحداث وحدة الحلكبة سنة 1998 لتلبية حاجيات الشركة من المواد الكيميائية وتغطية نسبة هامة من السوق المحلية وطاقة إنتاجية تقدر بـ 10 آلاف طن سنويا.
وشدد كاتب عام جامعة النفط محمد البرني خميلة أن الإتحاد سيحرص على تفعيل برنامج اصلاح المؤسسة مع بداية العام القادم 2021 كما وعدت بذلك وزير الصناعة على إعتبار أنه المتنفس الوحيد للجهة التي تعد من أبرز مناطق التنمية الجهوية وهو أيضا متنفس لمنطقة الوسط الغربي بصفة عامة.
كما شدد أن الاتحاد ضد التفريط في «السليلوز» تحت أي ظرف كان وأنه أيضا ضد فكرة بيع قسط من الشركة لأي شريك استراتيجي على اعتبار ما تتوفر عليه من إمكانيات كبيرة للنهوض والإقلاع واستعادة عافيتها عبر تثمين هذه النبتة وإيجاد استعمالات ومنتوجات جديدة لها مع تدعيم تواجدها في الدورة الاقتصادية ضمن أنموذج أعمال جديد وبلوغ طاقة إنتاجية عالية.
◗ حنان قيراط
إضافة تعليق جديد