التلفزة تنفي مسؤوليتها وبوعصيدة يلجـأ إلى القضاء


يتواصل الجدل حول الخيارات الدرامية لمؤسسة التلفزة التونسية في رمضان 2020 فبعد تداول تصريحات وتعاليق لفنانين تونسيين تقدموا بمشاريع لهذا الهيكل العمومي ووقع رفضها على غرار عاطف بن حسين ووجيهة الجندوبي ومطالبة عدد من الفاعلين في المجال السمعي البصري بمعرفة الحقائق المتعلقة بلجان القراءات ومقاييس اختيار الأعمال الدرامية، يعود يسري بوعصيدة مجددا للحديث عن خلافاته مع التلفزة التونسية المتعلقة بمسلسل «27» وهذه المرة اختار بوعصيدة التوجه إلى القضاء.
التلفزة التونسية بدورها أعلنت عن موقفها من مسلسل «27» في بيان رسمي أوضحت خلاله أنها غير مسؤولة عن خلاص ممثلي المسلسل وطالبت بعدم حشرها في نزاعات المنتج المنفذ والتي لا تستقيم قانونيا حسب الفصل 9 من عقد تنفيذ الإنتاج وينصّ محتواه على أن التلفزة التونسية «تعتبر غيرا في أي علاقات تعاقدية يبرمها المنتج المنفذ في إطار تنفيذ الإنتاج موضوع التعاقد أو بمناسبته وفي حل من كل اثر لها أو التزامات مرتبطة بها».
وأكدت التلفزة التونسية في بيانها الرسمي كذلك على أنها قامت بالإيفاء بالتزاماتها التعاقدية المنصوص عليها بعقد تنفيذ الانتاج ‹›في حدود ما يسمح به حسن التصرف السليم›› مع إشارتها لتحفظاتها الجوهرية على العمل وانتظارها لرد جدي من منتجه المنفذ» كما دعت الجهة المنتجة لاستكمال العمل وتعديل رؤيته الاخراجية في صورة تليق بالجيش الوطني.
وفي رده على بيان التلفزة التونسية أوضح يسري بوعصيدة لـ«الصباح الأسبوعي» أنه ليس من صلاحيات التلفزة التونسية مطالبته بتغيير الرؤية الاخراجية والتي لا يمكن تغييرها بعد أن تم التصوير مشددا على أن مطالبتهم باستكمال المشاهد المتبقية غير منطقي خاصة وأن عدم تصويرها كان بطلب من التلفزة وهناك تكليف بمأمورية في ذلك وأضاف محدثنا قائلا: «التلفزة قبلت العمل كما هو وقامت ببثه كاملا، وهو اقرار ضمني بعدم وجود أي تحفظ، وهو أيضا «استهلاك» كامل للبضاعة لا يمكن للحريف بعدها الاحتجاج بعدم رضاه عليها أو وجود عيوب خفية بها أو نواقص، كما قامت ببيع حق عرضه لمنصة البث الرقمي «Mobizone» وعليه فإنه لم يبق للتلفزة سوى الايفاء بتعهداتها المالية كاملة دون قيد ولا شرط.»
وتابع يسري بوعصيدة قوله بأنه قدم ملفا للقضاء يعكس تلاعبا كبيرا وسيكشف قريبا عن تورط مسؤولين من هذا الهيكل العمومي في مسألة الانتاج الدرامي مطالبا بالقسط الرابع من مستحقات العمل (36000 د) وخلاص القسط الخامس (200000 د) وبقية مداخيل الاشهار (حوالي 550000 د) وحصة المنفذين من مداخيل مبيعات منصة البث على اورنج حوالي 15000د.
وعمّا يتم تداوله بأن مؤسسة الجيش الوطني طالبت بعدم بث مسلسل «27» مرة أخرى بين بوعصيدة في هذا السياق أن مؤسسة التلفزة أعلمت منفذي الإنتاج (شركتا «أريج» ليسري بوعصيدة و»مرايا» لإكرام عزوز) بقرارها عدم إعادة بث المسلسل رغم إصلاح الأخطاء في المونتاج وذلك بالادعاء أن وزارة الدفاع هي التي طلبت ذلك دون تقديم أي شيء كتابي يدل على ذلك، ومتغاضيا على أن الوزارة في كل الحالات ليس لها الحق في ذلك وأضاف قائلا : «وفي يوم 2 جوان ادعى المدير القانوني للسيد اكرام عزوز بأن عدم الاعادة كان بأمر من الهايكا ولم يدل بأي مكتوب في ذلك وهو أمر مستحيل ويدل فقط على اعتماد هياكل التلفزة على الكذب والتغرير بالمنفذين في اطار ما يبدو انه سياسة كاملة لعرقلة وافشال مسلسل 27 منذ الوهلة الأولى لغايات غير معروفة..»
وفي إطار حديثه عن حملة ممنهجة ضد مسلسل «27» والتقليص من ميزانيته ثم التأخر في دفع مستحقات العمل مما عرقل التصوير مد يسري بوعصيدة «الصباح الأسبوعي» بتقرير لجنة القراءات والتي اختارت «27» في المرتبة الاولى من مجموع 4 أعمال قدمت للتقييم.
وقال محدثنا أنه قبل أن يعلم من لجنة القراءات بتفاصيل تقريرهم اتصلت به إدارة الانتاج في التلفزة (وهو أمر موثق لديه) وأعلمته أن الإدارة العامة لم تقتنع برأي لجنة القراءات (المتكونة من 5 محترفين منهم 2 من التلفزة و3 من خارجها، وعملت بشكل مستقل ودون الاطلاع على هوية أصحاب المشاريع) وقامت بتشكيل لجنة داخلية، غير مستقلة، للفض بين 4 أعمال أصبحت مفتوحة ومعلومة المصدر، منها مسلسل 27.
وأشار بوعصيدة أن ادارة الانتاج بالتلفزة التونسية عللت قرارها بأن اللجنة الأولى استشارية وقراراتها غير ملزمة قائلا: «لقد تناسوا أنها لجنة محترفة ومحايدة وتقيم الأعمال دون معرفة أصحابها وأن كل ذلك من شروط الشفافية والحرفية في اختيار الأعمال حتى وان كان القرار غير ملزم قانونيا»
وأكمل مخرج ومنفذ انتاج «27» أنه تم استدعاؤه من التلفزة التونسية بعد ذلك وأكد له الرئيس المدير العام لمؤسسة التلفزة التونسية بأن لجنة القراءات الرسمية لم تقبل أي من الأعمال، التي عرضت عليها بما فيها عمله وأنهم قاموا بتشكيل لجنة داخلية انتهت الى اختيار «الحرقة» في المرتبة الأولى ومسلسل «27» في المرتبة الثانية وأنهم رصدوا الميزانية كاملة لعمل «الحرقة» لكنهم مع ذلك يريدون انتاج «27» كعمل ثان ويقترحون عليه ان يتم تمويل الميزانية 1.7 مليون على شكل 850.000 دينار نقدا من ميزانية التلفزة و850.000 د من عائدات الاشهار التي تتعهد التلفزة بتوفيرها كشكل من الخلاص.
وواصل يسري بوعصيدة في هذا السياق أنه علم من بعض أعضاء لجنة القراءات والذين ظهر اسمهم للعلن بعد انتهاء مهمتهم، أن اللجنة، التي تم عرض 4 أعمال عليها من أصل 30 عملا، والتي من المفروض أن ترتب الأعمال كأول وثان وثالث ورابع، قامت باختيار مسلسل 27 بالإجماع التام لأعضائها الخمسة ورفضت ترتيب بقية الأعمال الثلاثة وإسقاطها جميعها مشددا على أن هذا التقرير يتنافى مع ما قام الرئيس المدير العام للتلفزة بتأكيده له ويوحي في الان نفسه بوجود شبهة فساد خاصة وأنه تم تمديد آجال قبول الأعمال بأسبوع في طلب العروض لصالح عمل دون آخر.
وشدد يسري بوعصيدة في تصريحه لـ«الصباح الأسبوعي» على أن منفذي الانتاج سيعقدان قريبا ندوة صحفية للإعلان عن حقائق مفزعة حول تنفيذ وتصوير وبث مسلسل «27» وما تعرض له من عمليات تخريب مقصودة وتجاوزات قانونية وإدارية من قبل بعض الجهات العامة والخاصة وثلب وادعاءات بالباطل رغم التضحيات، التي رافقت تقديم هذا العمل والعودة للتصوير زمن كورونا مضيفا ورغم التعهدات القانونية إلا أن التلفزة الوطنية امتنعت على سداد مستحقات المنتجين المنفذين عكس ما قامت به مع مسلسل «قلب الذيب» ومسلسل «الحرقة» وهو ما جعل صناع «27» غير قادرين على الإيفاء بالتزاماتهم مع الممثلين المشاركين في المسلسل وغيرها من الالتزامات المالية كما أكد أنه سلم ملف المسلسل لعدد من لجان «مجلس نواب الشعب» وسيتم طرح المسألة قريبا للمساءلة.
مسلسل «27» من بين الأعمال، التي أسالت الكثير من الحبر خلال فترة انتاجها وعرضها في رمضان 2020 على غرار الجدل حول اقتناء التلفزة الوطنية لمسلسل «قلب الذيب» وموقف عدد من صناع الانتاجات الفنية من «ضبابية» اختيار الأعمال الدرامية ومقاييسها وبالتالي على مؤسسة التلفزة التونسية أن تضع استراتجية واضحة لعملها على مستوى الانتاج الدرامي وتراجع مقاييسها في هذا المجال خاصة وأنها مؤسسة عمومية تحت المجهر مكافحة الفساد.
◗ نجلاء قمّوع
إضافة تعليق جديد