صباح الخير: دروس من الانتخابات البلدية

لا شك أن اجراء الانتخابات البلدية في السياق الذي تعرفه البلاد في الفترة الاخيرة يعد دون شك انجازا جديدا في مسار الانتقال الديمقراطي الذي انتهجته تونس منذ أول انتخابات في 2011 ولا تراجع فيه مهما كان حجم التحديات وصعوبة المسار وعثراته.
وبعيدا عن ظروف وملابسات ونتائج اول انتخابات على درب تكريس الحكم المحلي يحق للتونسيين، سواء الذين انتخبوا ومارسوا حقهم الدستوري أو الذين اختاروا تعبيرات ديمقراطية أخرى ومنها العزوف الذي يعد في حد ذاته موقفا يتعين الوقوف عنده، الإعتداد بالتجربة الديمقراطية التونسية فعلى هناتها تبقى نقطة الضوء في سياقها التاريخي والاقليمي.
في المقابل تبدو ملامح النتائج الاولية للانتخابات البلدية في انتظار النتائج النهائية، محملة برسائل ودروس من المؤكد أنها ستساهم في تحديد ملامح ما تبقى من مسار تركيز وتثبيت هذه الديمقراطية الناشئة في بلادنا لا سيما تلك المؤشرات السلبية فدون النجاح في تجاوزها سيبقى المسار مهددا وغير مكتمل.
الرسالة الأولى التى كانت مضمونة الوصول هي نسب الإقبال المحتشمة وإن ذهب البعض إلى اعتبارها مقبولة نظرا لأنها أول انتخابات بلدية ولاختلاف الرهان فيها عن الرئاسية والتشريعية إلا أن ذلك لا يقلل من سمة العزوف التى طبعت هذه المحطة الانتخابية وترجمت ما أكدته سابقا نتائج سبر الآراء من نسب مرتفعة للتشاؤم والاحباط لدى التونسيين وتراجع ثقتهم في الاحزاب وفي الطبقة السياسية وفي قدرتها على تغيير الواقع الإقتصادي والاجتماعي المتأزم على أكثر من صعيد.
ولعل الرسالة الاقوى ودائما في باب المقاطعة والعزوف تلك المرتبطة باقبال الشباب على الانتخابات حيث ظلت النقطة السوداء التى لاحقت جميع المحطات الانتخابية ولم تنجح الاحزاب في استقطاب هذه الفئة بل زادت الهوة اتساعا ما يؤكد عمق الياس والخيبة في صفوف هذه القوة الحية في البلاد المعطلة إلى حد الآن.
درس آخر لا يقل أهمية كشفته نسب الإقبال الضعيفة في عدد من الجهات الداخلية لا سيما تلك التي لها رمزية في مسار ثورة الحرية والكرامة، والموقف والرسالة واضحان ومفادهما أن هذه المناطق التي تأملت خيرا في تغيير واقع التهميش وتطلعت لتركيز التمييز الإيجابي لم تجد سوى الوعود من الحكومات المتعاقبة فلم تعد تثق في السياسيين ووعودهم، ولا في المسار برمته طالما لم يرتبط بالعدالة الإجتماعية ولم يتجسم على أرض الواقع.
إن المطلوب من الاحزاب اليوم ومن الطبقة السياسية برمتها من في الحكم والمعارضة التأمل جيدا في النتائج واستيعاب دروس الانتخابات البلدية لاستخلاص العبر والتفكير مليا في مراجعات حقيقية استعددا للمحطات السياسية والانتخابية القادمة.
منى اليحياوي
إضافة تعليق جديد